من لحظة الولادة، يبدأ كل شيء يتغير…الضحكة الأولى، رائحة البيبي، أول لمسة يديك لجلده الرقيق… لحظات لا تُنسى، لكن في نفس الوقت، قد تشعرين بشيء غريب. مش دائمًا كل شيء مثالي، صح؟كل أم بتواجه تحديات، لكن مش كلهم بيتكلموا عنها.واحدة من أصعب الفترات في رحلة الأمومة هي فترة ما بعد الولادة، ولما تواجهي قلق ما بعد الولادة، يمكن تحسي إنك “مش أم كفاية”. لكن الحقيقة؟ أنتِ مش لوحدك.
قلق ما بعد الولادة مش ضعف، ولا مبالغة. هو حالة نفسية حقيقية، بيحس بها كتير من الأمهات بعد الولادة، لكن للأسف لسه مش كتير بنفتح الحديث عنها.في المقال ده، هنتكلم عن الأعراض، الأسباب، وإزاي تقدري تتعاملي مع المشاعر دي، علشان تعرفي إنك مش لوحدك، وإنه فيه حلول.
يعني إيه قلق ما بعد الولادة؟
قلق ما بعد الولادة هو نوع من اضطرابات القلق، بيظهر خلال أول أسابيع أو شهور من ولادة الطفل.مشاعر الخوف، القلق المفرط، الأفكار سلبية تتكرر متعلقة بسلامة الطفل أو عن تقصير الأم، كل ده ممكن يبقى ضمن الصورة.
“كنت بصحى كل نص ساعة أتأكد إن ابني بيتنفس… حتى وأنا منهارة من التعب.”– أم لأول مرة، 30 سنة.
ليه بيصيب الأمهات؟ هل أنا بس اللي كده؟
لأ، مش لوحدك.
أسباب كتيرة بتلعب دور، منها:
- التغيرات الهرمونية (الاستروجين والبروجسترون بيقعوا بعد الولادة بشكل مفاجئ).
- قلة النوم والإرهاق المستمر.
- ضغط التوقعات الاجتماعية (أكون مثالية! أنام الطفل صح! أرضعه طبيعي! أرجع جسمي زي الأول!).
- تجارب الولادة الصعبة أو الصدمة (زي الولادة القيصرية الطارئة أو مشاكل صحية للرضيع).
- تاريخ شخصي أو عائلي مع القلق أو الاكتئاب.
أعراض قلق ما بعد الولادة
- أم بتتجنب النوم خوفًا من ألا تستيقظ لو ابنها اختنق.
- أم بتعيد تعقيم الرضّاعة عشر مرات.
- أم ما تسيبش ابنها دقيقة، حتى للحمام.
- أم تحس إنها “مش قد المسؤولية” كل ما البيبي يبكي.
دي مش مبالغات. دي أعراض.ولو حسيتي بأي منها، اعرفي إن ده مش ضعف. دي حاجة محتاجة دعم.
أمثلة على قلق ما بعد الولادة المرتبط بمواقف الأمومة الجديدة:
1. القلق من الرضاعة الطبيعية:
بعد الولادة، تبدأ الأم ترضع طفلها، لكن بيجيلها سؤال بيتكرر في بالها طول الوقت:
“هو بياخد كفاية؟ طب بيرضع صح؟”فتبدأ تراقب كل تفصيلة: مدة الرضاعة، عدد الحفاضات، شكل نومه…وتدخل في دايرة
قلق مستمرة، خايفة تكون مش بتقدم له الرعاية اللي يستحقها، وده ممكن يخليها تحس إنها مقصّرة، رغم إنها بتحاول بكل طاقتها
2. القلق من تنظيم اليوم:
بعد الولادة، اليوم كله بيتقلب، وكل حاجة بتتلخبط.”أنا مش عارفة أعمل إيه الأول.. البيبي؟ نفسي؟ البيت؟”بتحس إنها بتحاول تمسك أطراف كتير وبتقع منها كلها.والنتيجة؟ إحساس بالذنب… إنها مش قادرة توازن بين مسؤولياتها، وده بيخليها طول الوقت تحت ضغط.
3. القلق من شكل الجسم بعد الولادة:
البطن مش زي قبل، فيه ترهلات.. جسمها اتغير، وتبدأ تبص في المراية وتسأل نفسها:
“هو أنا كده لسه حلوة؟ طب جوزي لسه بيشوفني زي زمان؟”
الأسئلة دي بتخليها تركّز على شكلها بطريقة تضايقها، وممكن تحس بالإحباط، وتفقد ثقتها في نفسها شوية بشوية.

4. القلق من قلة النوم:
البيبي بيصحى كل شوية، والأم ما بتنمش كويس.”أنا مش قادرة… تعبانة، مش قادرة أفتح عيني!”الإرهاق بيأثر على أعصابها، وكل حاجة تبان أصعب، حتى أبسط الأمور ممكن تبقى حمْلة تقيل، ويزيد القلق والتوتر.
5. القلق من الغلط في تربية الطفل:
أول بيبي؟ طبيعي الأم تكون مش عارفة الصح من الغلط.”طب لو عملت كده أكون بأذيه؟ طب لو طنّشت أكون مهملة؟
“الأسئلة دي بتطاردها طول الوقت، وتحسسها إنها ممكن تكون أم مش كفاية… رغم إنها بتحاول تكون الأفضل.
6. القلق من ترك الطفل:
ساعة خروج؟ تروحي للدكتور؟ تسيبي البيبي مع حد؟”هيمشي حاله من غيري؟ طب لو حصل حاجة؟”الانفصال عنه ولو لدقايق ممكن يوجعها، وتحس بقلق يخنقها… كأنها لازم تكون دايمًا جنبه عشان تكون أم “كويسة”.
7. القلق من توقعات الناس:
المجتمع بيحب يشوف الأم مبتسمة، مرتّبة، وبيتها بيرفّ.بس الحقيقة؟”أنا مش دايمًا قادرة أكون الأم المثالية اللي الكل متوقعها!”الإحساس ده ممكن يخليها تحس إنها فاشلة أو أقل من غيرها، رغم إنها بتبذل جهد مش بيبان.
كيف يمكن أن ينعكس هذا القلق على الأم؟
- الشعور بالتعب والإرهاق: نقص النوم والعناية المتواصلة بالطفل يزيد من الإرهاق البدني والنفسي.
- العزلة الاجتماعية: شعور الأم بالقلق قد يجعلها تنعزل عن أصدقائها وعائلتها خوفًا من الحكم عليها.
- الاستمرار في التفكير المفرط: الأم قد تجد نفسها تفكر بشكل مفرط في كل تفصيل صغير، مما يزيد من شعور القلق والمشاعر السلبية.

إزاي أفرّق بين قلق ما بعد الولادة والاكتئاب؟
بعد الولادة، مشاعر كتير بتتداخل مع بعضها: فرحة، خوف، تعب، مسؤولية جديدة، وده طبيعي.لكن في فرق كبير بين القلق اللي بيحصل بعد الولادة، وبين الاكتئاب اللي ممكن يظهر في نفس الفترة.إزاي تفرّقي بينهم؟ خلينا نبص على بعض العلامات الأساسية:
1. من ناحية التفكير:
في حالة القلق بعد الولادة، بيكون فيه أفكار متكررة ومخاوف مستمرة حوالين الطفل، زي:“هل بيرضع كويس؟ طب بينام كفاية؟ طب أنا بعمل كل حاجة صح؟”أما الاكتئاب بعد الولادة، فبيظهر بشكل مختلف تمامًا، بيكون فيه حزن عميق وفقدان اهتمام بالحياة بشكل عام، حتى الحاجات اللي كانت بتفرّحك قبل كده ما بقتش تهمك.
2. من ناحية الطاقة:
القلق ساعات بيخليكي متوترة ومتحركة كتير، دايمًا حاسة إن فيه حاجة لازم تعمليها.لكن الاكتئاب بيخلّيكي حاسة بتعب وخمول مستمر، حتى لو نمتي، بتحسي إن جسمك تقيل ومش قادرة تقومي.
3. من ناحية النوم:
لو كنتي قلقانة، النوم بيكون متقطع. ممكن تصحي كل شوية تتأكدي إن البيبي بخير.لكن مع الاكتئاب، حتى لما الطفل ينام، بتفضلي صاحي مش قادرة تنامي، وكأن المخ مش راضي يطفي.
4. من ناحية المشاعر:
القلق بيخلّيكي تحسي بخوف دائم، وتوتر، وشعور بالذنب إنك مش بتعملي كفاية.أما الاكتئاب، فبييجي مع حزن عميق، وبكاء مستمر، وشعور بالذنب والفراغ الداخلي اللي بيشدك لتحت.
5. من ناحية علاقتك بالطفل:
لو كانت المشكلة قلق، بتحسي إنك بتحبي الطفل جدًا، لكن خايفة عليه بشكل مفرط، وممكن تخافي حتى تشيليه أو تستحميه لوحدك.أما الاكتئاب، فممكن تحسي بصعوبة في التعلّق بيه أو في الارتباط العاطفي معاه، وده بيخلي الأم تتلخبط أكتر وتجلد نفسها أكتر.
طيب و”Baby Blues”؟ إيه الفرق؟
فيه كمان حاجة تانية اسمها “بيبي بلوز”، ودي بتحصل تقريبًا لكل الأمهات بعد الولادة، خصوصًا في أول أسبوعين.سببها تغير الهرمونات، وبتخلي الأم تبكي فجأة، تحس بتقلبات مزاجية، أو تتضايق من أقل حاجة.لكن الفرق الكبير؟”Baby Blues” بتختفي لوحدها خلال أسبوعين.أما القلق أو الاكتئاب، فبيستمروا، وبيحتاجوا دعم، سواء من طبيب أو مختص أو حتى من العيلة والصديقات.
خرافات شائعة يرددها المجتمع للمراءة:
“ده عشانك مدلعة، جدتك خلفت 10 ومشتكتش!”كتير بيقولوا:
“أيام أمهاتنا ماكانش فيه الكلام ده!”لكن الحقيقة؟ أمهاتنا عانوا في صمت، وكتير منهم دفعوا الثمن على هيئة أمراض مزمنة أو علاقات متوترة مع أولادهم.
العلم بيقول إن القلق بعد الولادة مش رفاهية نفسية… هو اضطراب حقيقي ومحتاج رعاية.
لأ، جدتك ما كانش عندها إنترنت… ولا وعي نفسي… ولا فرصة تحكي أصلًا.
“ده من قلة الإيمان!”
لأ، الإيمان مش بيتعارض مع الدعم النفسي والعلاج.
“كل الأمهات كده، لازم تتحملي.”
لأ، فيه فرق بين الإرهاق الطبيعي، والقلق المرضي.
حسب منظمة الصحة العالمية، 13٪ من النساء عالميًا بيعانوا من اضطرابات نفسية بعد الولادة، وأحيانًا الرقم بيكون أعلى في دول الشرق الأوسط بسبب نقص الدعم النفسي.

نصائح وقائية: كيف أحمي نفسي من قلق ما بعد الولادة؟
1. رتّبي مصادر الدعم قبل الولادةصديقة، أم، جروب دعم… اعرفي مين هيسندك فعلًا.
2. اعملي خطة نوم بديلة مع الشريك أو الأسرةكل ساعة نوم تفرِق.
3. خدي راحتك في البكاء… والفضفضة.مش لازم تكوني قوية طول الوقت.
4. قلّلي التعرض للمقارناتالسوشيال ميديا مش مرآة للحقيقة.
5. اتكلمي مع طبيبك عن مخاوفكحتى لو مش حاسة إنها “كبيرة كفاية”.
خطوات للتعامل مع قلق ما بعد الولادة لو حصل
- تمارين تنفس بسيطة عند زيادة التوتر.
- كتابة اليوميات لتفريغ المشاعر.
- التحدث مع أخصائي نفسي أو استشاري رضاعة محترف.
- المشاركة في جروب أمهات حقيقيين – بدون تجميل ولا تصنّع.
- في بعض الحالات، ممكن الطبيب يرشّح علاج دوائي آمن خلال الرضاعة
مدة التعافي؟ هل فيه أمل؟
أكيد فيه.مدة التعافي بتختلف من أم لأخرى، لكن الدراسات بتقول إن:60% من الأمهات بتحسّنوا خلال أول 6 شهور بالعلاج والدعم المناسب.الأهم: كل ما تبدأي الدعم بدري، كل ما تقطعي الطريق على تطور الحالة.
أختم بـكلمة يمكن تكوني محتاجاها دلوقتي:”عدسة حواء بتقولك انتي مش لوحدك… وانتي كفاية.”مش لازم تكوني مثالية، بس لازم تكوني بخير.> “أحلى هدية تقدري تديها لطفلك؟ أم سعيدة مش منهارة.”
اترك تعليقاً